Working for Recovery Reconstruction & Development in Syria

Home  »  المطلوب إلغاء الهيئة العامة للإشراف على التمويل العقاري 
Fill these fields to send this article to your friend.
Please fill all required fields
Article are sent successfully.

المطلوب إلغاء الهيئة العامة للإشراف على التمويل العقاري

د. نبيل سكر يكتب للاقتصادية

-
في العام 2009 صدر القانون رقم 39 بإحداث الهيئة العامة للإشراف على التمويل العقاري مرتبطة بوزير المالية، لتشمل مهامها الترخيص والإشراف على شركات التمويل العقاري الخاصة التي ستقام بموجب قانون لاحق، وكذلك الإشراف على نشاط التمويل العقاري الذي تقدمه المصارف التجارية العامة والخاصة. وبعد ثلاث سنوات من صدور القانون، صدر في العام 2012 القانون رقم 15 ، قانون تأسيس شركات التمويل العقاري، والذي لم تقام أية شركة تمويل عقاري في ظله حتى اليوم.
وبغض النظر عن التساؤل عن سبب تأخر إصدار قانون تأسيس شركات التمويل العقاري ومدى مسؤولية هيئة الإشراف على هذا التأخير، والتساؤل عن عدم قيام أية شركة تمويل عقاري منذ صدور القانون رقم 15 حتى الآن، نطرح هنا سؤالين أولهما لماذا قانون إحداث هيئة للإشراف على التمويل العقاري، والثاني لماذا ربط هذه الهيئة بوزارة المالية؟
أعتقد أن إحداث الهيئة جاء أسوة بإحداث هيئة الإشراف على التأمين بموجب القانون رقم 68 لعام 2004، وبإحداث هيئة الأوراق والأسواق المالية بموجب القانون رقم 55 لعام 2006. وقد كان إحداث هاتين الهيئتين ضرورياً لعدم وجود هيئة إشرافية على النشاطين أعلاه. ولكن لماذا إحداث هيئة للإشراف على التمويل العقاري بوجود مجلس النقد والتسليف ومصرف سورية المركزي؟ ولماذا ربط الهيئة بوزارة المالية، بينما التمويل بالاقتراض هو من اختصاص المؤسسات الرقابية النقدية؟
لابد من التذكير أولاً أن التمويل العقاري سواء كان للبناء السكني أو التجاري (أي لجهة العرض العقاري) أو لشراء العقار الذي يتم تشييده (أي لجهة الطلب) يخلق منتجاً جديداً وكتلة نقدية جديدة في السوق. وللمنتج الاقتراضي الجديد مخاطر تمويلية، كما وله تأثيراً على حجم الكتلة النقدية في السوق وبالتالي على معدل الأسعار. ومن المعروف أن المصرف المركزي ومجلس النقد والتسليف هما اللذين تصب لديهم المعلومات حول ملاءة وسيولة المؤسسات التمويلية وعلى قدرة المطورين العقاريين ومشتري العقارات التجارية والسكنية على التسديد، وأنهما الجهتين المختصين بتقدير وإدارة حجم الكتلة النقدية المناسبة في السوق وضبط الأسعار فيه. فلماذا يتم إدخال المؤسسة المالية على خط التمويل العقاري؟ ولماذا إضافة هيئة إشرافية جديدة على التمويل المقدم من المؤسسات التمويلية العقارية المتخصصة ومن المصارف التجارية؟ وما هو المنطق في إخضاع هذه المؤسسات لجهتين إشرافيتين بوقت واحد وما قد يخلقه هذا من محاذير؟    
نحن مقبلين على عملية إعادة إعمار تتضمن نشاطاً عقارياً بمليارات الدولارات سواء لجهة البناء التجاري والسكني أو لجهة الطلب عليهما، وكل من الجهتين ستحتاج للتمويل، وهو تمويل معقد ويحتاج لخبرة في تقييم المشروع العقاري وخبرة في التمويل وخبرة في الإشراف على التمويل، وسيكون لهذا التمويل أثراً كبيراً على نوعية المنتجات في السوق وعلى حجم الكتلة النقدية فيه، مما يعني وجوب إخضاعه للجهة الإشرافية ذات الاختصاص، وعدم إدخال أية جهة أخرى على خط الإشراف مخافة التردد في اتخاذ القرار والإرباك وتعارض التوجهات. ولابد من التذكير بما يمكن أن يخلقه التمويل العقاري من مخاطر إذا تضخم التمويل وتعثر الإشراف عليه، استفادة مما حصل في سوق التمويل العقاري في الولايات المتحدة في الأعوام 2000-2008 وما أدى إليه من انفجار مالي وإفلاسات على مستوى كل من الشركات والأفراد في العام 2008، ثم ما تبع ذلك من أزمة اقتصادية ومالية كبيرة داخل البلد وخارجه.
لذلك أعتقد بوجوب إلغاء قانون إحداث الهيئة العامة للإشراف على التمويل العقاري جملةً وتفصيلاً، وليس تعديله، واتباع تأسيس شركات التمويل العقاري والإشراف على نشاطها كما على نشاط التمويل العقاري المقدم من المصارف التجارية إلى مصرف سورية المركزي حصراً، ونقول الإلغاء وليس التعديل لأن الخلل هو في منطق القانون وليس في تفاصيله.
ولئن كنا نحذر من خطورة التداخل في الإشراف، فنحن طبعاً مع التنسيق بين  السياسة المالية التي هي من اختصاص وزارة المالية، والسياسة النقدية التي هي من اختصاص مصرف سورية المركزي ومجلس النقد والتسليف، والسياسة التجارية التي هي من اختصاص وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية. وكل من السياسات الثلاثة لها تأثير على الإنفاق وعلى العرض والطلب في السوق، ولابد من التنسيق فيما بينها دون التداخل في الصلاحيات.       
وقد يكون من حسن الحظ أنه لم تقام حتى الآن أية مؤسسة خاصة للتمويل العقاري، وأن التمويل العقاري من قبل المصارف التجارية لازال في بدايات انطلاقته، مما يسهّل تصحيح الخطأ في الوقت الحاضر بأقل ما يمكن من الخسائر، مع ضرورة الإسراع بالتصحيح المطلوب.